ديسمبر 16, 2025
IMG-20251214-WA0055

جباري الصوت الأعلی والضمير الوطني الحي 

يثل نيوز _وليد الربوعي_الأحد _14_12_2025

منذ الكلمة الأولی ، والصوت الحر الأول الذي أطلقه عبدالعزيز جباري ، كنداء مطلق مغلّف باستغاثة وطنية تستنهض الوطنيين ، وتخبرهم إن أمراً آخر يجري التخطيط له ، وإن رؤيةً وطنية يجري الإلتفاف عليها من كل الجوانب .

تلك الكلمة التي دوّت في فضاء وطني مثخن بالجراح والرهبة والخوف ، الخوف الذي له عدة أوجه قد يأتي تحت غطاء دبلوماسي ويكون ظاهره حب الوطن ، وباطنه الحفاظ علی الظل الوارف المرحلي الذي حازه البعض كبديل للظل الوطني . مقايضة غير سوية لاذنب إطلاقاً للتحالف العربي فيها ولامجال لتحميل أحد وزر ومسؤولية ماجری لأنه في كل الأحوال ستجد أي داعم خارجي عندما يجد حكومة لاتؤمن ببقائها علی عرش سيادتها ، ولاتقدّر تضحيات أبنائها علی التراب الوطني ؛ سينظر إليها نظرة دونية لاتستح التكرار .

في أكرانيا اختلف مشهد الحر ب والتحالف تماماً
فالرئيس والحكومة أخذوا مواقعهم في الجبهات ورسموا مشهداً جديداً لمعنی الق تا ل وليس المتاجرة ،، وقدموا رؤية أخری لمعنی التمسك بالوطن وعدم التفريط فيه وهذا المشهد كنّا في أشد الحاجة إليه كبلادٍ سطا عليها الإ نقلابيون ودمروا كل شيء جميل فيها …

هنا علينا الوقوف أمام مواقف ومحطات قوية استندت علی إرث من الرؤية الوطنية الساطعة فشغلت حيزاً كبيراً ، من مساحة السياسة والنضال معاً في الوقت الذي ساد فيه الصمت ، والصمت فقط حيال ماكان يجري .

في تلك اللحظات أطل البرلماني عبد العزيز جباري كصوتٍ ثائر أبی السكون والسكوت ، ورفض المقايضة ، وأغار في لحظة غير متوقعة علی كل المتنعمين بظلال البعد ، التي أنتجتها نار دفع فاتورتها اليمنيون سيادةً وأرضاً ود ما .

بصوته الهادر كشف العديد من الأشياء التي ارتكبت بحق اليمن البلد التعيس منذ الأزل ، والمسافر السرمدي في قيلولة الوجع ، ومعمة الأحداث ، والمفقود تحت أنقاض النهايات الفاشلة كنتائج طبيعية لبدايات مهزوزة لزرمة من الذين لايرون في الوطن سوی مايقع في الجهة اليسری الخارجية من الصدر .
كان صوته كصيحة إيقاظ كتلك التي أطلقها أبو الأحرار الزبيري في عنوانه المجلجل لتلك القصيدة التي حتی النقاد لم يعطوها معناها الحقيقي والرسالة المرادة منها ؛ خوفاً وطمعا . وذلك الصوت كان لحظة إدارك قبل فوات الأوان ، بعد الخطوة الأولی مباشرة ، كنتُ حينها في المعتقل وفي عمرٍ أقل من أن أكون قادراً علی قراءة المشهد العسكري والسياسي ببعديهما الجيوسياسي والإستراتيجي ، وفي تغييب شبه تام عمايجري . شاهدتُ جباري عبر إحدی القنوات وهو يصرّح ، ويرفض ويندد ، ويستنهض الناس ويقاوم ويقاوم وحيدا كدرويش علی سطح المدينة الخاوية ، يبحث عن لحظة مفصلية تفرّق بين شيئين أو زمنين وتعيد الأشياء إلی مكانها ؛ وأدركتُ حينها إن لحظةً سوداء قاتمة ستأتي علی هذه الأرض لامحالة ، وإننا ذاهبون إلی المجهول المخيف .

كان جباري صوت الحرية المطلق الذي أصم عنه اليمنيون آذانهم ومضوا خلف الذين اَتَبعوا بإذعانٍ إلی يوم الدين .

اليوم وبعد سنين عديدة يطل جباري ليكشف بعضاً من تفاصيل الحكاية التي غُمّيت علی اليمنيين فأكملوا العدة . ليقول جباري إن الأمر كان مؤلماً للروح حقاً أن تری وطنك تحت طائلة الليل ثم لاتصرخ لإيقاظ النائمين .
وخلاصة الأمر إن مايشاهد الآن هو نتيجة لتراكمات الأخطاء والمقايضات والتملّق علی حساب الوطن ، ولو إن الجميع كانوا شجعاناً منذ البداية لخرجنا بأقل الخسائر ،، خاصة وإن جباري ورفاقه قد حاولوا تشكيل حركات إنقاذ أو الدعوة لها لكنها أُجهضت منذ الخطوة الأولی لها لأن الذين يرغبون بطمسنا كانوا يمتلكون القدرة والقوة لاغتيال أي قدرٍ جديد قد يأخذ البلاد إلی ثورة تصحيح لاتبقي ولاتذر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *