في ظل تحديات الحرب وتوسع موجات النزوح التي فرضتها مليشياالحوثي، تبرز المساحات الآمنة للنساء في محافظة مأرب كمبادرة مجتمعية استطاعت تحويل قصص الألم إلى فرص اقتصادية واجتماعية ملموسة. ويعكس البازار السنوي للمساحة هذا العام نماذج فريدة لنساء تجاوزن ظروف النزوح والفقر ليصبحن قادرات على إعالة أسرهن وبناء مستقبل أكثر استقرارًا.
أم صدام… من معاناة النزوح إلى الاستقلال الاقتصادي
تمثل “أم صدام” إحدى أبرز قصص النجاح داخل المشروع التي التقينا بها ، إذ انتقلت من وضع بالغ الصعوبة بعد نزوحها من المحويت، إلى ممارسة حرفة النقش على الزجاج والخشب، وهي مهنة أتقنتها لسنوات قبل أن تعيد المساحة الآمنة إحياءها مجددًا.
تقول: “العمل ليس عيبًا… والمرأة قادرة إذا وجدت من يدعمها.”
اليوم توفر دخلاً مستقرًا يساعدها على إعالة أسرتها، وتعد مثالًا على قدرة المرأة اليمنية على تجاوز التحديات رغم الظروف.
أسماء… خطوة شجاعة نحو عالم التقنية
في ركن آخر من البازار، تحولت الشابة “أسماء” إلى نموذج متميز في مجال صيانة الهواتف، وهو تخصص كان يقتصر غالبًا على الرجال. تعلمت كيفية حماية نفسها والنساء من محاولات الابتزاز الإلكتروني، وأصبحت قادرة على تقديم الخدمة في بيئة آمنة للنساء داخل المجتمع.
أدوار مكملة… بغداد وأماني وشادية
تقدم الأخصائية النفسية بغداد دعمًا ميدانيًا للفتيات والنساء اللواتي يعانين من آثار النزوح والإساءة المجتمعية، مؤكدة أن “النجاح الحالي خرج من خلف قصص مؤلمة، لكنه يعكس قدرة النساء على النهوض من جديد”.
أما أماني، فتعمل على تدريب النساء في مجال حماية البيانات الشخصية وصيانة الهواتف، في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن الرقمي ومواجهة الابتزاز.
وتواجه شادية صعوبات اجتماعية ومكانية في تدريب النساء، مشيرة إلى أن كثيرًا منهن يواجهن رفضًا أسريًا أو بُعد المسافة، وهو ما يؤثر على مشاركة عدد كبير من المستفيدات رغم رغبة الكثير منهن في التعلّم.
ثغرات تحتاج معالجة
وتبقى أبرز الإشكاليات التي تواجه المشروع عدم توفر سوق ثابت أو مركز عرض دائم لمنتجات النساء، وهو ما يعوق عملية التسويق واستدامة العائد الاقتصادي.
وقد وعدت السلطة المحلية بدراسة المشروع، لكن التنفيذ لا يزال غائبًا حتى اللحظة.
يعكس هذا النموذج من المساحات الآمنة قدرة المبادرات المجتمعية على صناعة فرص حياة جديدة للنساء المتضررات من الحرب، وبناء مسار اقتصادي واجتماعي يضمن لهن الأمان والاعتماد على الذات.
وتبقى الحاجة اليوم إلى توسيع نطاق الدعم وتوفير مساحات تسويق دائمة لضمان استدامة هذا النجاح.