يثل نيوز _ الوليد الربوعي
يسقط الرهان مجدداً ، وتنكسر الأسنّة علی صخرةٍ قاسية . في هذه المدينة المحروسة بدماء الشهداء ، والتي دفع الحوثي بكل ثقله العسكري والمخابراتي لإسقاطها ورجع خائباً وهو حسير .
وحينما عاد بعزمٍ أقوی وإصرار أشد ، وجد الأعين الساهرة مافتئت تقف في ذات المكان ، كالصقور تترقب الفريسة ، وتصطاد أسمنها ، لتسقط أعجفها هلعاً وخوفا .
الفيلم الذي عُرض مؤخراً يلخص أربع نقاط ..الأولی : يقظة رجال الأمن البواسل الذين أفشلوا كل محاولات الحوثي في زعزعة أمن المدينة التي احتضنت كل مقاتلي اليمن وكانت وصفعت بهم المخطط الإيراني ، ولخّصت تاريخاً عظيماً سيبقی عالقاً في أذهان الآتين من البعيد ، المنكسرين علی صلابة البأس السبئي الحميري العظيم ، في واقعة ستخلدها الأرض ماخلدت .
النقطة الثانية : إن الحرب المخابراتية هي اليد الطولی في معركتنا مع أعداء الوطن ، والدين ، والجمهورية .
النقطة الثالثة : إن التأهيل للكوادر الأمنية مهم جداً لما يقتضيه الحال ، وهو ماظهر في الفيلم الذي يعتبر جزء يسير مما تقدمه قوات الأمن من إفشال لكل المخططات التي لم وان تتوقف .
النقطة الرابعة: تتلخص هي إن الحوثي سيستخدم كآفة الأساليب والمحاولات ، ذات السقوط الأخلاقي والقيمي ، وسيشن عملياته المتنافية مع قيم الإسلام والعروبة والعرف القبلي من أجل تحقيق أهداف أسياده علی الأرض اليمنية .
-الوعي المجتمعي .
في مأرب يدرك المجتمع إدراكاً كاملاً ؛ إن الحوثي عدو الإنسانية ، وإن نجاح الحوثي في عملياته هو الخطوة الأولی نحو إذلال المجتمع اليمني وتركيعه ، ومعاقبته ، واستعباده ، وتقديمه كقربان لتعبث به الأيادي السوداء الآتية من هنا وهناك ؛ ولذلك فهو أشد حرصاً علی أمن المدينة ، فالجميع هنا أفراد أمن ، وكل السكان ذات واحدة في مواجهة الطغيان التتاري الفارسي .
كيف ينظر الحوثي إلی مأرب ؟
علی صحراء مأرب ، كانت المواجهة لها أبعاد شتی ، ومسارات متعددة ، وقد أعد الإيرانيون لمأرب العتاد المذهل ، والعدد الذي يشبه السيل ؛ فكان كل ذلك لقمة سائغة لأبطال الجمهورية .
أبعاد المعركة .
البعد الإقتصادي : وهو الحلم الأبرز الذي يعشعش في مخيلة الظلاميون الذين يحلمون بابتلاع النفط والسيطرة علی حقوله ، والتحكم في مصادر الدخل القومي اليمني لإذلال ماتبقی من الأرض اليمنية شمالاً وجنوباً .
البعد العسكري :
يدرك الحوثي إن أي إستراتيجية عسكرية أو مخابراتية لديه ستسقط طالما البوابة الشرقية لصنعاء مهددة بالسقوط في أي لحظة ؛ فبقاء قوات عسكرية وتكتلات مجتمعية قوية في مأرب شرق صنعاء هو تهديد عسكري وأمني بعيد المدی سيفشل كل المخططات التابعة له وللمحور الإيراني
وربما يكون خطراً هجومياً قوياً في حال تغيرت معطيات المعركة ، وتوحدت أطراف الشرعية وقرر الجميع استعادة الوطن بعيداً عن كل الخلافات الأخری ، وهو لكل تلك الأسباب يری إنه لابد من إسقاط القلعة الأقوی أولاً ليتسنی له العبور حيث أراد .
البعد الاجتماعي :
تضم مدينة مأرب أكثر من اثنين مليون يمني ، وهذا أكبر تجمع سكاني أنتجته الحرب ، وهذا التجمع السكاني هو في نظر الحوثي قوة عسكرية بشرية متدربة وجاهزة للإنطلاق في أي معركة قادمة ؛ ولذلك يسعی إلی تفكيك المدينة ومحاولة إسقاطها من الداخل عن طريق خلاياه ، التي تحاول زرع بذرة الصراع المجتمعي في هذه المدينة وبشتی الوسائل لكي يستطيع الحوثي العبور بقواته من خلال الشرخ الذي سيحدث ، والثغرة التي يحاول إحداثها .
البعد التاريخي :
المعركة في مأرب هي مابين الفرس والعرب ، قادسية ثانية . يقا تل الحو ثي كوكيل للإيرانيين الذين يحملون إرثاً كبيراً من الحقد علی العرب منذ القادسية في زمن الفاروق الذي أسقط إمبراطوريتهم العظمی وليس من السهل أن يسامح الإنسان أو ينسی أمبراطورية كتلك مهما تعاقبت السنون .
ويقا تل اليمنيون نيابة عن العرب كرأس حربة ، وخط دفاع أول في القادسية الثانية . فسقوط مأرب يعني سقوط صحراء العرب وجزيرتهم في قبضة الفرس بعد مئات السنين من المحاولات التي تعددت وتنوعت وفقاً لمعطيات الزمان والمكان .
رسالة إلی ماوراء الحو ثي .
الفيلم الوثائقي الذي عُرض علی قناة اليمن هو رسالة واضحة المعالم ، مكتملة الأركان إلی مابعد الحوثي ، وماوراء الظلام ، فحواها : إنها معركة مصير سنقاوم ونقا تل فيها بلا حدود ، وسندرركم في عقر الدار الذي اغتصبتموه في الوقت الذي تحاولون فيه إفتعال ثغرة هنا أو صناعة خلية هناك .
إن المجتمع الذي تحاولون إرهابه ؛ سيأتيكم بغتة في ذات ليل ، وعلی حين غرة ، وفي الوقت الذي لاتتوقعون ، وليس هناك مايحول بيننا وبين اليوم الموعود الذي ستنتهي فيه خيالاتكم ، وتتحطم أحلامكم ، وتسقطون وإلی الأبد .