نوفمبر 10, 2025
نبيل-الصوفي-2-780x470

 

تحقيق تحليلي – أحمد حوذان

لم تكن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة، التي استهدفت مواقع ومعسكرات سرية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، مجرد حدث عسكري عابر؛ بل شكلت، بحسب محللين، نقطة تحوّل فارقة كشفت حجم الانهيار الداخلي والتصدع التنظيمي الذي يضرب الجماعة من الداخل، بعد سنوات من بناء منظومة أمنية وعسكرية بدعم خارجي.

ضربة استخباراتية قاصمة 

الكاتب والمحلل السياسي نبيل الصوفي كشف، في منشور له على موقع فيسبوك، عن تفاصيل وأسرار تتعلق بما وصفه بـ”الزلزال الداخلي” الذي ضرب المليشيا عقب تلك الغارات، مؤكدًا أن ما جرى لم يكن مجرد استهداف تقليدي، بل عملية استخباراتية عالية الدقة طالت مواقع شديدة الحساسية، لم يكن يعلم بها سوى عدد محدود

من قيادات الصف الأول في الجماعة وأجهزة استخبارات إقليمية ودولية.

ويشير الصوفي إلى أن هذه المواقع كانت قد أُعيد ترميمها وتجهيزها مؤخرًا بسرية تامة، ما جعل استهدافها بهذه السرعة دليلاً على اختراق أمني عميق في صفوف المليشيا. وأضاف أن الصدمة كانت مضاعفة بعد مقتل رئيس أركان الحوثيين محمد الغماري، الذي كان يُعد أحد أبرز عقول الجماعة العسكرية، ما ترك فراغًا قياديًا أربك منظومتها الميدانية والتنظيمية.

تهديد داخل العمق الحوثي 

ويرى الصوفي أن الحوثيين الذين اعتادوا خوض معاركهم بالوكالة خارج مناطق نفوذهم – سواء في البحر الأحمر أو الحدود السعودية – وجدوا أنفسهم للمرة الأولى أمام تهديد مباشر في عمق أراضيهم. هذا التطور، بحسب قوله، فضح هشاشة بنية الجماعة الداخلية، التي طالما حاولت إظهارها بمظهر “الصلابة الثورية”.

ويضيف أن القيادات الحوثية باتت تتعامل مع الضربة كـ”كابوس استخباراتي”، بعدما كشفت الغارات عن ثغرات أمنية واسعة داخل أجهزتهم، وأدت إلى تجميد عدد من الدوائر الميدانية وتغيير قيادات في مواقع حساسة.

صراعات الأجنحة.. من الدولة إلى المليشيا المغلقة 

ويشير الصوفي إلى أن قرار تعيين يوسف المداني في موقع قيادي بصنعاء لم يكن سوى انعكاس لحالة الانقسام الداخلي التي تعيشها الجماعة. فبينما يحاول جناح المداني – المقرّب من الدائرة الإيرانية – تثبيت نفوذه، تسعى تيارات أخرى داخل الجماعة لإعادة توزيع النفوذ داخل مؤسساتها الأمنية والسياسية.

ويقول الصوفي إن هذه التعيينات كشفت عن تحوّل الجماعة من مشروع “الدولة” إلى منظومة مغلقة تهيمن عليها صراعات الأجنحة، إذ وصل الأمر إلى قيام كل جهاز أمني باعتقال الموالين للأجهزة الأخرى، في مؤشر على تصاعد أزمة الثقة والانقسام.

محاولات فاشلة لتغطية الانهيار 

وفي محاولة لتدارك التراجع الميداني، لجأت المليشيا – وفق الصوفي – إلى دعم خلايا مسلحة داخل مناطق الحكومة الشرعية، إلى جانب تكثيف حملات التعبئة والتحشيد الإعلامي والديني، غير أن هذه التحركات لم تُفلح في وقف حالة الانهيار المتسارعة.

وتشير معلومات متقاطعة إلى أن الجماعة تنفذ في الوقت ذاته حملات اعتقال سرية في صفوفها، طالت قيادات ميدانية بتهم “الخيانة” أو “التسريب”، ما يعكس حالة من الخوف والارتباك غير المسبوقين داخل هرمها التنظيمي.

مشهد ختام: مليشيا في مواجهة ذاتها 

تبدو مليشيا الحوثي اليوم أمام أخطر مراحل وجودها منذ سيطرتها على صنعاء، فبين انهيار منظومتها الأمنية، وتصاعد الصراع بين أجنحتها، وتراجع قدرتها على ضبط مناطق نفوذها، باتت الجماعة – بحسب مراقبين – تقاتل للحفاظ على بقائها أكثر من خوضها أي معركة ضد خصومها.

وبينما تتكتم قيادتها على تفاصيل الضربات الإسرائيلية، تتسرب مؤشرات من داخل صنعاء عن انقسامات وصراعات حادة بين الدوائر الأمنية والسياسية، قد تجعل الأشهر المقبلة مرحلة تصفية حسابات داخلية، وربما بداية النهاية لمشروع المليشيا الذي بدأ يتآكل من الداخل قبل أن يسقط من الخارج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *