
أحمد حوذان
غَنّوا لهذا الوطن الذي يريد الكهنوت تمزيقه وتفتيته!
في ظل التحديات الجسيمة التي يواجهها اليمن بسبب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا، وفي خضم محاولات تدمير الهوية والذاكرة الجمعية للشعب اليمني، غنوا وتذكروا الأغنية اليمنية
ففي الوقت الذي تحاولُ فيه هذه الميليشيات إلغاءَ جزءٍ أصيل من الوجدانِ اليمني، يؤكدُ المواطنونَ والفنانون أن الأغنيةَ كانت وما زالت تلعبُ دورًا محوريًا في تاريخِ اليمن، ليس فقط كمصدرٍ للبهجة، بل كقوةٍ دافعة نحوَ التغييرِ ومقاومةِ للظلم.
في استطلاعِ أجريتهُ اليوم في مأرب حولَ يومِ الأغنيةِ اليمنية، أكدَ عامةُ الناس أن هذا اليومَ تاريخيٌّ ويمثلُ إرثًا عظيمًا. وأشاروا إلى أن الأغنيةَ اليمنية كان لها دورٌ بارزٌ في المساهمة بإسقاطِ الإمامةِ الكهنوتية في الماضي، وتصدرتِ الأغنيةُ الوطنيةُ اليمنية محافلَ كثيرة وكانت جزءًا لا يتجزأُ من تاريخِ البلاد، وما زالت حتى اليوم.
إن الأغنيةَ اليمنية، التي تحاولُ الميليشيا الحوثية إلغاءَ هُويتِها وتراثِها، تجدُ في اليمنيين من يعيدُ تجديدَ هذا الموروثِ الثقافي. ورغمَ القمع الذي تمارسُهُ الميليشيا على الفنانين في مناطقِ سيطرتِها، يواصلُ الكثيرونَ منهم تجديدَ الأغنية. فالميليشيا تعادي الأغنيةَ اليمنية لأنها لم تكنْ جزءًا من ثقافتِهم الضيقة، بل إن الأغنية كانت في الماضي أداةٌ قوية أسقطت خرافاتِ أجدادِهم الإمامية.
يأتي هذا الاحتفاء بـيوم_الأغنية_اليمنية كصوت مدوي يدعو إلى الحياة والمقاومة في وجه الكهنوت وعصابته. إنها دعوة صادقة لنتذكر القامات الفنية قامت سجلت تاريخ وارث نضالي أثرت في الوجدان الوطني، وستظل خالدة في ذاكرة الأجيال.
إن احتفاءَ اليمنيين اليوم في الأول من يوليو بيومِ الأغنيةِ اليمنية هو تجسيدٌ حيٌّ للفخرِ والتمسكِ بالهُوية في وجهِ آلةِ التدميرِ الممنهج. فالميليشيا الحوثية لا تستهدفُ الحياةَ اليومية فحسب، بل تمتدُّ أيديها إلى تدميرِ الهُويةِ والتراثِ الثقافي، عبرَ استهدافِ المواقعِ الأثرية، تغييرِ المناهجِ التعليمية، فرضِ خطابٍ طائفي، وتضييقِ الخناق على أيِّ مظهرٍ من مظاهرِ الفنِّ والإبداع. إنهم يسعونَ لمحوِ ذاكرةِ شعبٍ بأكملِهِ واستبدالِها بخرافاتِهم وأيديولوجيتهم القمعية، محاولين بناءَ “يمنٍ جديد” يتماشى مع فكرِهم الظلامي، وهو ما يرفضُهُ الشعبُ اليمني بكلِّ فئاتِه.
لذا، فإن استمرارَ الاحتفاءِ بالأغنيةِ اليمنية هو أكثرُ من مجردِ حدثٍ ثقافي؛ إنه عملُ مقاومةٍ سلمية، وتأكيدٌ على أن روحَ الفنِّ والحياةِ في اليمن أقوى من محاولاتِ القمعِ والطمس.
إنه تذكيرٌ بأن الأغنيةَ اليمنية ستبقى صوتًا قويًا يعبرُ عن صمودِ هذا الشعب، وعن تطلعاتِهِ نحوَ الحريةِ والسلام، ووطنٍ خالٍ من الإرهابِ والخرافة. إنها معركةُ وعيٍّ وثقافة، والأغنيةُ هي سلاحُنا فيها.
نتذكر اليوم من واحد يوليو بفخر وتقدير رواد الأغنية اليمنية الذين شكلوا جزءًا هامًا من تاريخنا الفني، وتركوا بصمة لا تُنسى في الوجدان الوطني. نتذكر : أحمد السنيدار، وعلي الآنسي، ومحمد مرشد ناجي، وأحمد قاسم، وأبو بكر سالم، وعبد الرحمن العمري، وعبد الرحمن السمة، وفضل اللحجي، وأحمد فتحي، ومحمد حمود الحارثي. هؤلاء الفنانون، وغيرهم الكثيرون، لم يكونوا مجرد مؤدين وفنانون عارفين بالوتر ، بل كانوا بناة لوجدان أمة، وموحدين لمشاعر شعب عبر أنغامهم الخالدة التي تجاوزت كل مشاريع التقسيم والفُرقة.
لقد ظلت الأغنية اليمنية عبر العصور جسرًا يربط بين أطياف المجتمع، وعنصرًا فاعلًا في صياغة الهوية الوطنية. وفي الوقت الذي تسعى فيه قوى الظلام إلى طمس هذه الهوية وتجفيف منابع الإبداع، يمثل هذا الاحتفاء السنوي تأكيدًا على أن الفن أداة للمقاومة والصمود.
إن إحياء يوم الأغنية اليمنية هو دعوة للحياة في مواجهة دعوات الحرب والموت التي تشيعها عصابة الحوثي. هذه العصابة تستهدف الوعي والذاكرة اليمنية الجمعية التي يمثل الغناء بأنواعه جزءًا أصيلًا منها. تسعى الميليشيات المدعومة إيرانيًا جاهدة لمنع مظاهر الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرتها بالقوة، عبر استهداف الفن ورموزه، ومنع الغناء في الأعراس والمناسبات، وتضييق الخناق على الشعراء والأدباء.
لقد أدت هذه السياسات القمعية إلى إضعاف الحركة الفنية وتشريد الفنانين، بل وتغييب رموز فنية كبيرة عن المشهد في لحظات فارقة، كما حدث مع رحيل قامة فنية مثل أبوبكر سالم بلفقيه الذي غادرنا في ديسمبر 2017، بينما كانت الحرب في أشدها. هذا الحصار الثقافي يهدف إلى استبدال الإبداع بالزوامل الطائفية التي تمجد القتل والعنف، في محاولة بائسة لتغيير الوعي الجمعي وتغييب الهوية الأصيلة.
الأغنية: هوية، تاريخ، ومقاومة لمشاريع الموت
في هذا اليوم، نؤكد أن الأغنية اليمنية ستبقى صوتًا قويًا يعبر عن صمود هذا الشعب وتطلعاته نحو الحرية والسلام، ووطن خالٍ من الإرهاب والخرافة. إنها معركة وعي وثقافة، والأغنية هي سلاحنا فيها.
الأغنية اليمنية ليست مجرد نغمات عابرة، بل هي مصدر للبهجة والأنس، وملاذ لكل القلوب المحبة والعاشقة للحياة. الغناء في اليمن متنوع وثري، واكب أفراح وأتراح الإنسان اليمني منذ القدم، إنه هوية وتاريخ وحياة، في مواجهة مشاريع الموت والدمار.
الاحتفاء بالأغنية اليمنية هو جزء أساسي من استعادة الذاكرة الوطنية، وتأكيد على أن الثقافة والإبداع هما خط الدفاع الأول ضد محاولات الطمس والتغييب.