سبتمبر 20, 2025
العملة-الريال

 

​تشهد المحافظات اليمنية المحررة موجة خطيرة من النزيف النقدي، حيث تتسرب كميات كبيرة من العملات الأجنبية، خاصة الدولار والريال السعودي، إلى مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي. هذه الظاهرة، التي ترتبط بشكل رئيسي بتجارة القات، تُعَد قناة مفتوحة لتمويل اقتصاد الحرب في الشمال على حساب الاقتصاد في الجنوب.

​وعلى الرغم من محاولات البنك المركزي والجهات الأمنية للحد من المضاربة بالعملة، إلا أن تجار القات والبضائع القادمة من مناطق الحوثيين ابتكروا أساليب ملتوية للالتفاف على هذه الإجراءات. فبحسب مصادر محلية، يتم تمويل عمليات شراء القات بعملات أجنبية يحصل عليها التجار من خلال شراء العملات مباشرة من المواطنين بأسعار مرتفعة، أو عبر شراء الذهب وإرساله إلى مناطق الحوثيين. هذه الطرق غير التقليدية تسمح لهم بتجنب الرقابة البنكية وتسهيل خروج العملات الصعبة من الدورة الاقتصادية الرسمية.

​تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني

​هذا النزيف النقدي المستمر يمنح الحوثيين موارد مالية ضخمة دون أي تكلفة إنتاجية، مما يعزز قدرتهم على تمويل عملياتهم العسكرية. وفي المقابل، تتعرض الأسواق المحلية في عدن وحضرموت والمهرة لضغوط هائلة، مما يؤدي إلى شح العملات الأجنبية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين.

​ووصف الباحث السياسي الدكتور عبدالرزاق عبدالله أحمد البكري هذه الظاهرة بأنها “عملية منظمة ذات أبعاد اقتصادية مدمرة” تستنزف الموارد النقدية للمحافظات الجنوبية. وأشار إلى أن هذه التجارة تُعيد العملات الصعبة إلى الشمال لشراء القات، في دورة اقتصادية خاسرة تجعل الجنوب مستوردًا لسلعة مدمرة صحيًا واقتصاديًا، بينما يحصد الشمال الأرباح.

​دعوات لإجراءات حاسمة

​وفي مواجهة هذا التحدي، دعت نقابة الصرافين الجنوبيين إلى تجربة عملية تتمثل في منع دخول القات من مناطق الحوثيين لمدة شهر، كاختبار لمدى تأثيره على استقرار العملة. ويرى خبراء أن هذه الخطوة قد تساهم في كسر حلقة النزيف النقدي، شريطة أن تكون مصحوبة بإجراءات أمنية مشددة ورقابة صارمة على المنافذ.

 

​وختامًا، دعا الباحث البكري إلى إجراءات عاجلة وحازمة، مثل منع استيراد القات نهائيًا من الشمال، وفرض قيود على تداول العملات والذهب، معتبرًا أن هذه الممارسات لا تقل خطورة عن “الخيانة الاقتصادية”، وأن مواجهتها هي معركة تتعلق بالسيادة والكرامة الوطنية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *